responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 18  صفحه : 245
فِي مَنْعِنَا الْمَسَاكِينَ. (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ) أَيْ يَلُومُ هَذَا هَذَا فِي الْقَسَمِ وَمَنْعِ الْمَسَاكِينِ، وَيَقُولُ: بَلْ أَنْتَ أَشَرْتَ عَلَيْنَا بِهَذَا. (قالُوا يَا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ) أَيْ عَاصِينَ بِمَنْعِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ وَتَرْكِ الِاسْتِثْنَاءِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: طَغَيْنَا نِعَمَ اللَّهِ فَلَمْ نَشْكُرْهَا كَمَا شَكَرَهَا آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ. (عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها) تَعَاقَدُوا وَقَالُوا: إِنْ أَبْدَلَنَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا لَنَصْنَعَنَّ كَمَا صَنَعَتْ آبَاؤُنَا، فَدَعَوُا اللَّهَ وَتَضَرَّعُوا فَأَبْدَلَهُمُ اللَّهُ مِنْ لَيْلَتِهِمْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا، وَأَمَرَ جِبْرِيلَ أَنْ يَقْتَلِعَ تِلْكَ الْجَنَّةَ الْمُحْتَرِقَةَ فَيَجْعَلَهَا بِزُغَرَ [1] مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، وَيَأْخُذَ مِنَ الشَّامِ جَنَّةً فَيَجْعَلَهَا مَكَانَهَا. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ الْقَوْمَ أَخْلَصُوا وَعَرَفَ اللَّهُ مِنْهُمْ صِدْقَهُمْ فَأَبْدَلَهُمْ جَنَّةً يُقَالُ لَهَا الْحَيَوَانُ، فِيهَا عِنَبٌ يَحْمِلُ الْبَغْلُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَاحِدًا. وَقَالَ الْيَمَانِيُّ أَبُو خَالِدٍ: دَخَلْتُ تِلْكَ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ كُلَّ عُنْقُودٍ مِنْهَا كَالرَّجُلِ الْأَسْوَدِ الْقَائِمِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: قَوْلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ (إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ) لَا أَدْرِي إِيمَانًا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، أَوْ عَلَى حَدِّ مَا يَكُونُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمُ الشدة، فيوقف في كونهم مؤمنين. وسيل قَتَادَةُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ: أَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ: لَقَدْ كَلَّفْتَنِي تَعَبًا. وَالْمُعْظَمُ يَقُولُونَ: إِنَّهُمْ تَابُوا وَأَخْلَصُوا، حَكَاهُ الْقُشَيْرِيُّ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ يُبْدِلَنا بِالتَّخْفِيفِ. وَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَبُو عَمْرٍو بِالتَّشْدِيدِ، وَهُمَا لُغَتَانِ. وَقِيلَ: التَّبْدِيلُ تَغْيِيرُ الشَّيْءِ أَوْ تَغْيِيرُ حَالِهِ وَعَيْنُ الشَّيْءِ قَائِمٌ. وَالْإِبْدَالُ رَفْعُ الشَّيْءِ وَوَضْعُ آخَرَ مَكَانَهُ. وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ" النِّسَاءِ" القول في هذا [2].

[سورة القلم (68): آية 33]
كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (33)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَذلِكَ الْعَذابُ) أَيْ عَذَابُ الدُّنْيَا وَهَلَاكُ الْأَمْوَالِ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا وَعْظٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ لَمَّا ابْتَلَاهُمْ بِالْجَدْبِ لِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ كَفِعْلِنَا بِهِمْ نَفْعَلُ بِمَنْ تَعَدَّى حُدُودَنَا فِي الدُّنْيَا (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ)

[1] زغر: بضم الزاي وفتح الغين المعجمة وآخرها راء.
[2] راجع ج 5 ص 245)
(
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 18  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست